عبد الرحمن بن عبد الله بن بشر الغافقي - نسبة إلى قبيلة غافق من عك اليمنية - قائد عربي مسلم وأمير الأندلس أيام عصر الولاة فيها، شارك في فتح الأندلس في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك وتولى إمارتها مرتين عام 721 م ثم في عام 730 م [1] بعد تعيين 4 ولاة للأندلس لم يستطيعوا أن يثبتوا أنفسهم فيها وسادت الأندلس فترة من الاضطرابات ذلك الوقت، قام عبد الرحمن بإخماد الثورات والفتن القائمة في الأندلس بين العرب والبربر وبين العرب أنفسهم وعمل على تحسين وضع البلاد الأمني. استُشهد في معركة بلاط الشهداء سنة (732 م الموافق 114 هـ) قرب مدينتي تور وبواتييه الفرنسيتين وذلك بعد أن حاول فتح أراضي الفرنجة (فرنسا اليوم).
[عدل]غزواته في فرنسا
يذكر أن أولى غزواته في فرنسا عندما شارك في قيادة الجيش الإسلامي مع أمير الأندلس السمح بن مالك الخولاني, عندما قام السمح لأول مرة بعبور جبال البرتات (البرانس) الواقعة في الحدود الأسبانية الفرنسية وغزوه لجنوب فرنسا, كانت فرنسا في ذلك الوقت لم تكن موجودة كاصطلاح جغرافي كذلك لم تكن موجودة كوحدة سياسية, كما أن اللغة الفرنسية لم تكن قد تكونت بعد[2]. حاول السمح بن مالك فتح امارة سبتمانيا الواقعة في جنوب فرنسا لتأمين الحدود الشمالية للأندلس, فحاصر عاصمتها أربونة (ناربون) واستولى عليها, ثم اتجه نحو الشمال الغربي نحو نهر الغارون واستولى على مدينة تولوز, ثم توغل في دوقية أكيتانيا, فواجهه دوق أكيتانيا يودو بجيشه بالقرب من تولوز عام 721 م 102 هـ, فدارت معركة بين الجيشين انتهت بهزيمة السمح واستشهاده, وانسحاب جيشه بقيادة عبد الرحمن الغافقي إلى مدينة ناربون التي أصبحت قاعدة عربية لغزو ما وراء جبال البرتات.
بعد توليه امارة الأندلس للمرة الثانية عام 730 م, خرج عبد الرحمن عام 732 م الموافق لعام 114 هـ بجيش كبير لمواصلة الفتوحات الإسلامية في فرنسا, فهاجم أكيتانيا, وعبر نهر الغارون واستولى على مدينة بوردو, وكان العرب يسمونها برديل أو بردال, وقد اشتهرت بسيوفها التي عرفها الأندلسيون باسم (البردليات), وعندما عجز دوق أكيتانيا يودو من مقاومة عبد الرحمن, استنجد بالدولة الميروفنجية الفرنجية, وكانت هذه الدولة ملكية في نظامها, ويحكمها المتأخرون من ملوكها الذين كانوا في ذلك الوقت ملوكا ضعفاء, أما السلطة الحقيقية في البلاد فكانت بيد رئيس القصر المعروف باسم كارل مارتل أي شارل المطرقة. و عندما رأى شارل مارتل انتصار العرب بقيادة عبد الرحمن على أكيتانيا معناه اقتراب خطرهم من الدولة الميروفنجية, لبى دعوة دوق أكيتانيا, وخرج بجيش فرنجي كبير لصد الزحف الإسلامي, والتقى الجيشان في منطقة قرب مدينتي تور وبواتييه في العاشر من أكتوبر عام 732 م الموافق لعام 114 هـ في رمضان ودارت بينهما معركة ضارية لمدة ثلاثة أيام, وهي معركة بلاط الشهداء, انتصر فيها العرب أول الأمر وجمعوا غنائم كثيرة, ثم حدث أن هاجم دوق أكيتانيا مؤخرة الجيش الإسلامي حيث توجد الغنائم, فتراجع البعض لانقاذها, فاختل توازن المسلمين وانهزموا واستشهد عبد الرحمن, وعدد كبير من رجاله, وانسحب الجيش الإسلامي أثناء الليل, وبذلك توقفت الفتوحات الإسلامية في أوروبا الغربية[3].